محمد علي الجمعاوي
محمد علي الجمعاوي مهتم بالذكاء الإصطناعي، هندسة البرمجيات وتصميم الحلول الرقمية

الوسائل المُتاحة للمُعاملات الماليّة الدولية في تونس للأفراد

الوسائل المُتاحة للمُعاملات الماليّة الدولية في تونس للأفراد

ماهي الوسائل المُتاحة للقيام بالمُعاملات الماليّة الدوليّة للتونسيين المُقيمين في تونس والرّاغبين في التوكُّل على الله والاسترزاق عن طريق التجارة الإلكترونية أو الأعمال الحُرّة في المجالات الرقميّة على الصعيد العالمي؟

هذا السؤال يمُرُّ به الكثيرون اليوم في تونس، خاصّة وأنّ نسبة البطالة 16.1% في الثلث الأوّل من 2022 حسب المعهد الوطني التونسي للإحصاء[2].

نسبة البطالة

ورغمَ كثرةِ الحديثِ عن هذا الموضوع بين العاملين كمُستقليّن والباحثين عن سُبُل الاسترزاق وحتّى بين باعِثي الشركات الناشئة، ليس من السّهل إيجاد مراجع تجمعُ الوسائل المُتاحة حاليّا.

الهدف من هذا المقال هو القيام بالبحث في هذا الموضوع كتونسي يحاول إيجاد حلٍّ قانوني، فيكون هذا نقطة بداية لهُ عند تحديد الوسيلة التي سيستعمِلُها. وفي نفس الوقت، بسطَ الصُّعوبات التّي يمرُّ بها التُّونسي، رجاءَ أن تُساهم رؤيتها في مكان واحد في تحديد المُشكل بدقّة أكبر، ومُساعدة المسؤولين على تحديد العراقيل الأكثر تأثيرًا واِتّخاذ الإجراءت اللاّزمة لما ينفع البلاد والعباد.

الوسائل المُتاحة للدفع الإلكتروني الدولي في تونس

الرسم التوضيحي التّالي يُبيّن السُّبُلَ التي تمَّ استكشافُها لمُحاولة إيجاد حلٍّ ملائم. ولا بُدّ أنَّ الباحث في هذا الموضوع سيمُرُّ عبر ثلاثِ مسالك رئيسيّة، فيسأل الأسئلة التّاليّة:

  • هل تُوفِّرُ الدولة التونسيّة حلاًّ مُلائمًا للدفع الإلكتروني؟
  • هل تُوفِّرُ البنوك التونسيّة حلاَّ مُلائمًا للدفع الإلكتروني؟
  • هل هُناك حلول بديلة مُلائمة يُمكن الاستعانة بها من تونس؟

رسم توضيحي للوسائل المُتاحة للمعاملات الماليّة في تونس

عِندَ بَدأ البحث في هذا الموضوع، سريعًا ما تبرُز “البطاقة التكنولوجيّة الدوليّة” كحلٍّ للمُشكل. فهي بطاقة يُمكن الحصول عليها عن طريق البريد التونسي أو أيٍّ من البنوك الأخرى في تونس. لكن بعد التأمُّل في شروطها يتبيّن أنها:

  • غيرُ مُتاحة لمن ليس لديه شهادة البكالورية أو شهادة أعلى منها.
  • لا تسمح إلاّ بالدفع للخارج، وحسب البحث الأوّلي، لا يُمكن استقبال التحويلات الماليّة عليها.
  • لا تسمح بأن يتجاوز مِقدار المدفوعات 1000 دينارٍ سنويًّا، أي نحو 320 دولار سنويًّا عند كتابة هذا المقال، وهذا مبلغ قليل لمن يُريد أن يشتغل ليُحصِّل مِقدارً يُعيلُه لمُدّة سنة.

اِقتراح للمسؤولين في الدولة لتَحسين نجاعة البِطاقة الإلكترونيّة:

  • يُمكنُ الترفيع من المبلغ السنوي الأقصى إلى مبلغ أوّلي مقبول، مثلا 1000 دولار.
  • ثُمّ يَرتفع المبلغ بحسب وتيرة مدخولات صاحب البطاقة. فمثلا، لكُلّ صاحب بطاقة الحق في استعمال نِسبة مُعيّنة من مدخولاته في السنة الجارية للشراء من الخارج. يُمكن لهذه النسبة أن تكون 50% من مجموع المدخولات السنويّة.
  • إدراج المُتخرّجين من مراكز التكوين المهني في الاختصاصات المُتعلّقة بالمعلوماتيّة، والمُتخرّجين من مدرسة فُرصة أخرى ، والمُتحصّلين على شهائد في اختصاصات مُتعلّقة بالبرمجة أو مجالات التكنولوجيا والمعلوماتيّة بقائمة المُنتفعين بالبطاقة التكنولوجيّة.

بهذه الطريقة، يُفسَحُ المجال أمام الناجحين في العمل المُستقل والتجارة الإلكترونية لِكَي يُوَسِّعوا أعمالهم فيربحوا أكثر، وكذلك تستفيد الدولة من اِرتفاع عائدتهم بالعُملة.

الوسائل المُتاحة عبر البنوك التونسيّة

الرسم التوضيحي التّالي يُبيّن السُّبُلَ التي تمَّ استكشافُها لمُحاولة إيجاد حلٍّ ملائم عبر البنوك التونسية. حيثُ يتبيّن أن البنوك التونسيّة كُلّها تمنح العديد من البطاقات البنكيّة، ويُمكن تصنيفها، من مُنطلق موضوع هذا المقال، إلى صنفين:

  1. بطاقات بنكيّة للسوق الدّاخليّة في تونس.
  2. بطاقات دولية يُمكن الحصول عليها بشروط.

فأمّا البطاقات المُوجَّهة للسوق الدّاخلية فهي أنواع وأصناف مُتعددة، لكن كُلُّها لا تسمح بالمُعاملات الماليّة الدولية. وأمّا البطاقات الدوليّة فيُمكن الحصول عليها لمن تتوفّر فيه الشروط اللاَّزمة للحُصول على حِساب بالدّينار التونسي القابل للتحويل، أو حساب بالعملة الأجنبيّة، أو حاصل على موافقة على ملف “منحة سفر الأعمال”.

أنظر في الفصل المُعَنوَن بأمثلة عن البطاقات البنكيّة الدوليّة المُتاحة من البنوك التونسية، لتجد مجموعة من البطاقات الدوليّة المُقترحة من بعض البنوك التونسيّة والروابط للحصول على مزيد من المعلومات عنها في مواقع البنوك نفسها.

البطاقة الدولية من البنوك التونسيّة

خُلاصة البحث هنا أنّه قد يتسنّى لشخص طبيعي أو معنوي (شَرِكة) فتحَ حساب بالعُملة الأجنبية ثُمَّ الحُصول على بطاقة بنكيّة دوليّة مُقابل الأصول المُكتسبة بانتظام في الخارج. هنا ما يجب توضيحُه بشكل أفضل من جانب الدولة أو البنوك نفسها هو الشروط اللاَّزمة للاِنتفاع بهذه الوسيلة. وأيضا توضيحُ ما الذّي يُعتبَرُ إثباتًا كافيًّا لانتظام الأصول المُكتسبة في الخارج؟ خاصّة وأنّ العَمَل المُستقلّ قد لا يكون لهُ اِنتظامٌ دوري واضح نظرًا لتقلُّبات السوق العالميّة.

لكن لو نتأمّل في نتائج هذه الفقرة اِنطلاقًا من سؤالٍ أوسع وهو لماذا كُلُّ هذا التعقيد والمنع للحُريّة، ولو الجُزئية، للمُعاملات الماليّة الدولية في تونس لكُلِّ أفراد الشعب؟ فالحقيقة أنّه يصعبُ إيجاد تفسير منطقي يتماشى مع الواقع:

  • فوُجود عِدة خيارات للبطاقة البنكيّة الدوليّة بشروط لا تنطبق إلاّ على فئة مُعيّنة من الشعب التُّونسي، وحسب النظرة الأوليّة، هؤلاء هُم أصحاب الأموال والسُّلطة (الديبلوماسيين) لا يُساعد في إضفاء شرعيّة على التبرير التقليدي لمنع السواد الأعظم من التونسيين من الولوج بسهولة إلى وسائل المُعاملات الماليّة الدوليّة وهو: أنّ الدولة تُحاول حماية الدّينار التونسي والرصيد الوطني من العُملات الأجنبيّة من النّفاد حتّى تتمكّن من توريد احتياجات البلد. فلو كان هذا هو الهدف، فالأولى أن تمنع أصحاب الأموال الكُبرى و تُراقب بشكل كبير، وشفاف للمواطنين، المُعاملات التي يقوم بها السياسيون والديبلوماسيّون.
  • وإن كان وجهُ السّماح للفئة المحدودة، التي تنطبق عليها شروط الحصول على البطاقات البنكيّة الدولية، هو تمكينَهُم من العمل على المُستوى العالمي حتّى ينتفعوا وينفعوا الدولة بعائداتهم بالعُملة، فنفسُ المنطق يُمكن تطبيقه على بقية الشعب التونسي مِمَّن يرغب في العمل في السوق العالميّة.

والرجاء أن يقوم أحد المُختصّين في هذا المجال، من جانب الدَولة، بتوضيح أسباب المنع في المطلق والسمّاح بشروط لفئة مُعيّنة، حتّى يتسنَّى تحليلُ صِحَّة هذه الأسباب وتأثيرها على الاقتصاد الوطني بالمُقارنة مع اقتصادات أخرى اِنطلاقًا من البيانات. فالهدفُ الأكبر هو أن نفهم دوافع الجِهتين الدَّولة والمُواطن ونُبَيِّن بالبيانات والتدقيق هل الانفتاح، الجُزئي على الأقل، سينفع الاقتصاد أم يَضرُّه. هكذا يقتنع الجميع بالقرارات اِنطلاقا من المصلحة العامّة، ويُمكن أن يعترض المُعترِض بالبيانات والتحاليل التي تُثري الحوار.

أسئلة للتعمُّق - يُمكن لمن يتسنّى لهُ ذلك أن يبحَث فيها:

  • ماهي الشُّروط والإثباتات اللاَّزمة لفتح حسابٍ بالعُملة الأجنبيّة لمن يعيشُ في تونس ويَرغب بالعمل في مجالات التِّجارة الإلكترونيّة أو الأعمال المُستقلّة؟
  • ماهي نِسبة التونسيّين الذين تنطبقُ عليهم الشروط الحاليّة للحصول على البطاقات الدوليّة؟ وهل تُسبب هذه الشروط نوعًا من الانتقاء الاِجتماعي الذّي يحدُّ من قُدرة بعض الفئات الاِجتماعيّة على اِرتقاء السُّلَّم الاجتماعي بالعمل؟
  • إلى أيّ مدى يُمكن أن يُساهم تسهيل قُدرَةِ التُّونِسيِّنَ على العمل من تونس في السوق العالميّة في تقليل عجز الميزانيّة على المُستوى المُتوسّط والبعيد؟

بعض الحلول البديلة المُستعلمة

هُناكَ بعضُ الطُّرُق التّي جرَّبها السَّاعون للعمل في السُّوق العالميّة من تونس، تجدُ ما تسنَّى جمعُه منها في الرسم التوضحيى التّالي:

حلول بديلة للدفع

من بين هذه الطُّرُق، تجد الطُّرُقَ التقليديّة المُشتهرة:

  • مثل اِستعمال ويسترن يُونيِن لاِرسال الأموال، إلاّ أنّه حسب الموقع الرسمي، من شروط الإرسال إلى تونس وُجوب ِاستظهار المُرسل والمُستلم ببطاقة تعريف صالحة، ورغم أنّ هذا شرطٌ معقول، إلاّ أنّ وجوبهُ بهذه الطريقة، دُون توفير القُدرة على اِثبات الهوية على الموقع مُباشرة (على حسب علمي)، يستوجِبُ الذّهاب إلى فرعٍ لويسترن يُونيِن حتّى يتمكَّن المُستَلِم من سحب الأموال في تونس. أنظر في قائمة الشروط في هذا الرّابط.
  • الحلّ التقليدي الآخر هو المُرور بصديق أو أحد أفراد العائلة ممن يعيشون في دولة أخرى تسهُل فيها المُعاملات الماليّة الدوليّة. فتستقبل الأموال على حاسبه ويقوم هو بشراء ما تحتاجُه. إلاّ أنّ البُلدان الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا تُطالب البنوك بإعلامها في حال حصلت عمليّات بنكيّة كبيرة على حسابٍ ما، وقد يُطالب صديقك بدفع الضرائب على هذه الأموال أو دفع خطايا، على اِعتبار أنّ هذه الأموال هي دخلٌ لهُ لم يقع الإعلامُ به. فهذه الطريقة في العموم ليست مُلائمة.

هُنالك طُرقٌ أخرى يقع تجربتها، مع درجات نجاح مُختلفة:

  • فمثلا، يُمكن فتحُ حساب على واحد من البنوك الاِفتراضية (أي التّي ليست لها فروع فعليّة على أرض الواقع وإنّما هي مَوجودة على الانترنات) ثُمّ الحصول على البطاقة التّابعة لذلك الحساب، وهي بطاقة دوليّة. في هذه الحالة، سيُطلب منك في الغالب توفير إثبات لعنوانك، وهنا يستعمل البعض عنوان صديق يعيش في دولة يتعامَل معها هذا البنك. إلاّ أنّه قد وقع إغلاق حسابات بعض النّاس ممن يدخلون بكثرة إلى هذه الحسابات من تونس. فهذا الحلّ قد يعمل وقتيًّا.
  • حلٌّ آخر من الحلول المُستحدثة هو إنشاء شركة خارج تونس عبر الانترنات. وهناك دُول تسمح بذلك، حيثُ إنشاء الشركات فيها عبر الانترنات يكون مُسهَّلا منها أستونيا وبريطانيا. ثُمّ تفتح حساب بنكي باِسم الشركة وهو ما يسمح بالحصول على بطاقة بنكيّة دوليّة.

أسئلة للتعمُّق - يُمكن لمن يتسنّى لهُ ذلك أن يقوم ببحث فيها:

  • هل يُمكن التثبُّت من الهوية وتحويل الأموال مُباشرة على موقع ويسترن يُونين لمن يستعملُه دون الحاجة إلى الذهاب إلى الفروع؟
  • هل هُناك بنوك اِفتراضيّة دوليّة تسمح للتونسيّن بفتح حسابات اِنطلاقًا من تونس، أي باستعمال عُنوان في تونس؟
  • لماذا لا تقبل البنوك الافتراضيّة بالعناوين التونسيّة؟ هل هذا بسبب قيود من جانب الدولة التونسيّة أم بسبب خلل في تجربة المُستخدم من جانب هذه البنوك؟
  • أيُّ الحلول البديلة المعروضة هنا قانوني في تونس وأيُّها ليس كذلك ولماذا؟

خُلاصة البحث - الحلّ الأوّلي الذي يُمكن البدْء به

هذا الحلّ لمن يُحاول الدخول في مجال العمل المُستقل ولا يعرف من أين يبدأ، فهو حلّ أوّلي ريثما يتمكّن من تحصيل مدخول يُمكّنُه من الاستعانة بأراء الخُبراء.

استقبال وسحب الأموال

فأمّا بالنسبة لاِستقبال المدفوعات، إذا اِشتغلت على مواقع العمل المُستقلّ، يُمكنك فتح حساب على موقع Payoneer لاِستقبال تحويلات الأموال من حُرفائك. ويُمكنكَ ربطُ حِسابك البنكي الخاص في تونس بحسابك على موقع بايونير حتّى تصِلك الأموال مُباشرةً بالدينار التونسي.

استلام الأموال

أنظر في الصورة في الأسفل، أو زُر موقع بايونير، للتعّرف على مُميّزات خدماتهم: نظرة في موقع بايونير

الدّفع والشراء من الخارج

أمّا بالنسبة للدفع والشراء من الخارج، فيُمكنك البدأ باِستعمال البطاقة التِّكنولوجيّة المذكورة سابقا، والتي يُمكن الحصول عليها من البريد التونسي أو أيًّ من البنوك الأخرى. ثُم عندما تتوفر لك الموارد، اِستعن بخبير لإيجاد حلٍّ أكثر مُرونة، أو قُم ببحثك الخاص اِنطلاقا من هذا البحث.

أمثلة عن البطاقات البنكيّة الدوليّة المُتاحة من البنوك التونسية

خِتامًا:

  • هذا البحث ليس جامعا لكُلّ المسائل المُتعلّقة بالمُعاملات الماليّة الدولية، ولا كُلِّ الحلول المُمكنة وتشعُّباتها، ولم يُقصد به هذا. إنّما هُو بحث فردي، يُحاكي ما يمُرُّ به التونسي من الصعوبات والتشعُّبات ونُدرة المعلومات بالعربيّة.
  • النتائج المعروضة لا تُعوّض الحاجة إلى الاستعانة بالمُختصّين، لمن يقدر، خاصّة وأنّ القوانين تتغيّر وتتطوّر باستمرار. من لا يقدر، يُمكنه الاستعانة بهذا البحث كنُقطة انطلاق، ويبنيَ عليه بحثهُ الخاصّ.
  • هذا البحث لَبِنَة أولى، وكُلُّ الاقتراحات لإثراءه مُرحّب بها، من أجل نفع أكبر عدد مُمكن من التونسيين.
  • أُشجِّعُ العرب في بُلدانٍ أخرى مِن مَن تعترِضُه نفسُ المُشكلة أن يقوموا ببحث مُماثل لمُساعدة المُثابرين في بَلدانهم على العمل.
  • هذا البحثُ هديّةٌ إلى كُلِّ ساعٍ. تَوكّل على الله واِنطلق عسَى اللهُ أن يُوَفِّقَ سعيَك في الدّارَين.

المصادر

  1. الصورة في رأس المقال من موقع unsplash والشكر موصول لصاحبها.
  2. موقع المعهد الوطني للاحصاء
  3. صفحة تراتيب العُملة والصرف من موقع الديوانة التونسيّة
  4. بعض المعلومات عن منحة سفر الأعمال من موقع البنك المركزي - بالفرنسيّة

comments powered by Disqus