مدائح ذوي الألباب في العربيّة
هذا غيضٌ من فيضٍ ممَّا مدح به ذوو الألباب، على اِختلاف نِحلهم وأزمانهم، اللغة العربيّة، وهي حقيقةٌ بذلك وزيادة.
قال أحمد حسن الزيّات في مُقدّمة كتابه “تاريخ الأدب العربي”:
والآداب العربيّة أغنى الآداب جمعاء؛ لأنها آداب الخليقة منذ طفولة الإنسان إلى اضمحلال الحضارة العربية. فما كانت لغة مُضرَ بعد الإسلام لغة أمة واحدة، وإنما كانت لغة لجميع الشعوب التي دخلت في دين الله أو في كنفه، أودعوها معانيهم وتصوراتهم، وأفضوا إليها بأسرار لغاتهم، ثم جابت أقطار الأرض تحمل الدين والأدب والحضارة والعلم، فصرعت كل لغة نازلتها وَوَسعت علوم الأولين وآداب الأقدمين، من يونان وفُرس ويهود وهنود وأحباش، واستمسكت على عَرْك الخطوب تلك القرون الطويلة، فشهدت مصارع اللغات حولها وهي مرفوعة الرأس رابطة الجأش ترث نتاج القرائح وثمار العقول من كُل أدب ونِحلة، فكانت لغات الأمم على اختلافها كالجداول والأنهار، تتألف، ثم تتشعب، ثم تتجمع، ثم تصبّ في محيط واحد هو اللغة العربية.