محمد علي الجمعاوي
محمد علي الجمعاوي مهتم بالذكاء الإصطناعي، هندسة البرمجيات وتصميم الحلول الرقمية

نحو توظيف المُحاكاة والاستنباط السببي لتحديد السياسات العامّة

نحو توظيف المُحاكاة والاستنباط السببي لتحديد السياسات العامّة

نظرا لتشابك الاقتصاد العالمي، فإن العوامل الخارجية لبلد ما صارت تُؤثِّر فيه بشكل كبير وواضح للعيان. فكُلُّ تغييراتٍ جيوسياسيّة أو مُناخيّة أو صحيّة، إلخ… تُؤثّر في سلاسل التوريد العالميّة، وهو ما يُؤثّر في وفرة المعروض في بلد ما بشكل مُباشر أو غير مُباشر فينتُج عنه تضخّم للأسعار وانخفاض للقدرة الشرائية للمواطنين وهو ما يؤدّي إلى اضطرابات اِجتماعيّة وسياسية، وفي الكثير من الأحيان إلى هجرات جماعيّة داخليّة وخارجيّة، بل وحتّى إلي حُروب. هذه الاضطرابات المحليّة تُعزِّزُ بدورها العوامل السلبية المُؤثرة في الاقتصاد المحلّي ممَّا يُخفِّضُ من انتاجيّته، وهذا الانخفاض يؤثّر بدوره على المعروض في السوق العالمية بحسب مقدار مُشاركة الدولة المعنيَّة في سلاسل التوريد العالميّة، وهكذا دواليك تتفاقم سلسلة الأسباب المُؤثّرة اقتصاديًّا واجتماعيًّا.

في هذا الوضع المُعقّد، يقع على عاتق صُنَّاع القرار على رأس الدُّول تحديد وجهة السياسات العامّة لدولتهم، والتخطيط الاستراتيجي الاقتصادي والاجتماعي والصحّي (.. إلخ) قصير، متوسط وبعيد المدى حتّى تظمن كُلُّ دولة القُدرة على الصمود أمام الصدمات المُختلفة، اقتصاديَّةً كانت أم صحيّة أم مُناخيّة.. إلخ.

في عالم مثالي، حيثُ يمكننا استشراف ما سيحصُل في المُستقبل بدقّة، ستكون مهّمة تحديد هذه السياسات العامّة المصيريّة للدُّوَل أسهل بكثير. حيثُ سينطلق صُنَّاع القرار من النظر في ما سيحصُل، ثُمَّ تقييم مدى استعداد بلدهم له وتحديد السياسات المُناسبة لمُعالجة النقص إن وُجد بشكل استباقي ممَّا يُؤدّي إلى تلافي المُشكل، والتقليل من ضرر الصدمات بشكل كبير ممَّا يُساعد اقتصاد البلد المعني على التعافي بشكل أسرع من غيره، وهو ما يسمحُ له بتحويل الصدمة إلى فرصة إلى توسيع مُنتجات هذا الاقتصاد ريثما تتعافى الاقتصادات الأخرى بشكل أبطء.

للأسف أو لحُسن الحظّ، حسب زاوية النظر، قُدرتنا على استشراف المُستقبل والتنبؤ به في الواقع محدودة وعاجزة في أغلب الأحيان. لذالك يعمَدُ صُنّاع القرار، أو الخُبراء الذين يقع على عاتقهم نُصحُ صُنَّاع القرار، إلى اِستعمال وسائل تقريبية و ظنيّة لاستشراف ما يُمكن أن يحصُل في المُستقبل، ثُمَّ البناء عليه لتحديد السياسات العامّة لتحقيق أهداف بلدهم، أو شركتهم. يُمكن تصنيف هذه الوسائل كالتّالي:

  • الاستشراف بناءً على المعرفة والخبرة الإنسانية، ومنه:
    • الاستشراف بناءً على معرفة المُديرين وصُنّاع القرار شخصيًّا.
    • الاستشراف بناءً على معرفة الخُبراء المُستشارين في مجال النَّظر.
  • الاستشراف الآلي انطلاقًا من البيانات السابقة، ومنه:
    • الاستشراف بوسائل التنبؤ الاحصائي.
    • الاستشراف بوسائل التنبؤ المعُتمدة على التعلُّم الآلي.

في عالم مُترابط ومُتشابك يتميّز بوتيرة تغييرات خارجيّة سريعة، لا يُمكن الاِكتفاء بنماذج تنبؤ إحصائي سطحيّة، تعتمد فقط على استخراج الأنماط المُتكرّرة في البيانات السابقة، لتحديد السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة لبلد ما أو حتّى لشركة ما. ذلك لأنّ التغيّرات الخارجيّة تُؤدّي إلى أنماط مُختلفة اختلافا جُزئيًا أو كُليًّا ممَّا يحُدُّ من قُدرة نماذج التنبؤ الإحصائي ونماذج التعلُّم الآلي السطحيّة.

البديلان اللّذان يجب الاستثمار في توظيفهما محليًّا وبكفاءات محليّة هُما:

  • الاستنباط السببي (causal inference)
  • محاكاة تأثيرات السياسات (policy impact simulation).
    • تعُرف أيضا، اختصارًا، بمحاكاة السياسات (policy simulation).

## المصادر

comments powered by Disqus